هي " نوبة" صوفية أسهمت بدور كبير في رواج اسم هذا الرجل ذي الأصول الأفريقية، الذي ذاع صيته بفضل تلك الأغنية الذي سجلها لإذاعة صفاقس الشيخ محمد بركية أحد رجالات الطريقة العيساوية التي اتخذت زاوية سيدي سعادة كانون بالمدينة العتيقة مقرا لممارسات مريديها: الله الله يا بابا، سيدي منصور يا بابا... يذكر المؤرخ محمود مقديش في " نزهته" (القرن الثامن عشر) أن سيدي منصور " كان عبدا لرجل من أهل صفاقس صنعته عمل القطن، وكان يتركه بالليل يشتغل فيصبح كل يوم ويأتيه فيجده قد استوفى جميع ما يبقي عنده قل أو كثر، ثم إنه دعته حاجة في بعض الليالي فأتى للمحل الذي يشتغل فيه فلم يجده، وارتقبه أكثر الليل فلم يأت، ولما أصبح وجده قد استوفى عمل جميع ما عنده من قطن، ففطن له وعلم أن له عناية من الله تعالى..." ويواصل مقديش ذاكرا أن القطّان رصد الرجل وهو يتحول إلى مكان حذو برج ﭬـزل حيث يقضي الليل في الصلاة. لما علم سيدي منصور أن سيده كشف سره وأفشاه، اعتزل عن الناس إلى أن وافاه الأجل في المكان نفسه قبالة البحر، حيث دفن وأصبح مقامه مزارا لأهل صفاقس ناشدين التبرك بهذا الولي الذي احتفظت الذاكرة الشعبية ببعض من كراماته. لقد تحولت زيارة مقام الولي إلى مهرجان ثقافي احتفظ بالطقوس التقليدية التي دأبت الجالية الزنجية على القيام بها كأداء الأغاني من نمط السطمبالي و " خرجة" الزنوج بمصاحبة تيس عظيم يتم ذبحه قربانا عند نهاية الاحتفال. يوجد مقام سيدي منصور بضاحية صفاقس على مسافة 12 كيلومترا على ضفاف البحر، حذو ما تبقى من برج دفاعي يعود إلى العهد البيزنطي (الناظور)، ويتكون من قبة تغطي تابوت الوليّ وبيت صلاة تم ضمه إلى الجامع المجاور. في الواقع، لقد مثل هذا المقام نواة لمركز عمراني ما فتئ يتطور جراء نشاط الصيد البحري بالرغم من افتقار المنطقة لمرفإ مُجهّز، مما يجبر الصيادين على التعامل مع حركة المد والجزر واللجوء إلى العربات المجرورة لنقل صناديق السمك من المراكب في عرض البحر إلى البر.